المصدر : صحيفة الرياض
التاريخ: ١٠:٣٢ ص-٠٥ اكتوبر-٢٠٢٣       89

من شاهد الأرتال البشرية التي تتدافع على معرض الرياض الدولي للكتاب، يدرك بلا عناء بأن الكتاب لا زال هو المصدر الأوثق والأرصن والأعمق للمعرفة والثقافة، وأنّ تسمية معرض عالمي باسم "الكتاب" هو استحقاق طبيعي لأهم ناقل للمعرفة وأهم وعاء حافظ للعلم والثقافة وتاريخ الأمم، وأحداثها وتجاربها الملهمة.

فالكتاب يتفق الجميع على أنه أحد أهم روافد الثقافة وينابيعها الثرّة؛ والثقافة كما هو معلوم لم تَعُد ترفاً عقلياً بل وسيلة ومنهج؛ احتفظت في خزائنها ما جمعتْهُ الإنسانية من كُتُب، وهذه الكتب تتجاوز كونها نواقل وخزائن للمعرفة، بل إنها وسائل للتفكير وشحذ الذكاء وتدريبه، حتى قيل: إنَّ جودة أي كتاب تتوقف على مدى قدرته على أن يصبح بالنسبة لقارئه وسيلة للتفكير.

اليوم يبرز معرض الرياض الدولي للكتاب كأحد وجهاتنا المُلهِمة التي نباهي بها؛ باعتباره ملمحاً حضارياً يتوق إلى حضوره المثقفون والمفكرون والناشرون وغيرهم. نجاح تلو نجاح للمعرض، ونسخة من المعرض تفوق سابقتها؛ وهكذا هو حالنا في مملكة الشغف والإبداع والإنجاز، لا نركن لنجاح ولا يقف سقف طموحنا عند تحقيق هدف مرسوم؛ وإنما سباق مع الذات ومع الزمن في سبيل تقديم الأجود والأرصن والأمثل على كافة الصُّعد.

منذ انبلاج رؤية 2030 ونحن نحلّق في سماوات الابتكار وتقديم المُختلف والنوعي منطلقين في ذلك من مسؤولية تاريخية أرادها الله لهذه البلاد التي يرنو إليها العالم بعين الإعجاب والوثوق والنموذج المُلهِم والمُحتذى.

يُسدل المعرض الدولي للكتاب ستارته بعد غد؛ وقد منح مرتاديه من الداخل والخارج فرصة مدهشة لتلاقح الفكر والمعرفة وصنوف الأدب والإبداع الإنساني في مختلف تجلياته ليؤكد بأن المملكة قبلة الإبداع والابتكار والتحفيز والسياحة الثقافية المبهجة. وأن الثقافة عموماً باتت أحد ممكنات الجمال وجودة الحياة وتواشج التجارب الثقافية بين الدول، ولا ننسى أن حضور الشقيقة عمان كضيف شرف؛ وهي تشارك بحمولتها الثقافية والمعرفية وأدبائها ومثقفيها، وتاريخها العريق الضارب في الأصالة والإبداع شكّل حالة من الفرادة وتزاوج الثقافتين السعودية والعمانية عبر الأماسي الثقافية والأدبية التي زيّنت أجواء المعرض، ومنحت الزائرين أوقاتاً فارقة في جمالها ودهشتها وصفائها.

وكل هذا النجاح والتميز للمعرض الدولي ما كان لولا أن ثمّة قيادة فذة ملهمة ومحفزة ومُمكِّنة تدعم وترعى الثقافة والإبداع وتشجع الفكر والعطاءات الإنسانية في شتى حقول الفن والأدب وتراثنا الإنساني الأصيل والعميق.