هذا زماني وهذا عصر ملحمتي القمحُ قمحي وصوتُ الأرضِ حُنجرتي
تَبّانَتِي دربُها يغفو على وتري
صبيةٌ تتغذّى شهدَ أغنيتي ينتابني خُيلاءُ المُلكِ يرفعني
إلى السماء التي كانت مُبَلِّلَتي
فإذْ كواكبها تجثو على قدمي
وإذ مجرّاتها أحجارُ مِسْبَحَتي
ليست سمائي من السّبعِ التي رُفِعت
لكنها حيثما أخلو بقافيتي غوايتي صرخةٌ بالكُفرِ مؤمِنَةٌ
وَ كُفْرُ غاويتي إيمانُ غاويتي
فقد كفرتُ بِعَجزٍ يمتطي قلمي
ما من رياحٍ ستطفي نورَ مِحبَرَتي
وقد كفرتُ بتصديقِ القطيع إذا
كان القطيعُ ينافي عُمقَ أسئلتي
إنّ الرّضا بفُتاتِ المجدِ سَيّئةٌ
تَهابُ صبري وتخشى طهرَ نافلتي
لولا تراتيلُ كُفْري باستدامتها
لما انتصرتُ على مليون سَيِّئةِ
يا ليت شعري أنا الرّحّال في وطني
أقَلّبُ الرمل عن وجهي وعن لغتي
لو أنكَرَتْني فِجاجُ الأَرْضِ قاطبةً
ما أنكرَ العَلَمُ الخفّاقُ أذرعتي
حملتُهُ وأنا طفلٌ لِيحمِلَني
أنا وخمسين عامٍ نَحو أمنيتي
يرونه في حقولِ النفط منتصراً
وَ لا أراه سوى في سَرْجِ سابحةِ
ويح التضاريسَ كم قد غيّرَتْ وطناً
فهل أُلامُ إذا غيّرتُ خارطتي
لكنّني أينما يمّمتُها قدمي
فأنت يا وطني بَدْئي وخاتمتي
كم مِنْ حناجِرَ غنّت : عشتَ يا وطني
لَمْ تتّخذْ وطناً من دونِ أثمنةِ
وكم تظاهرَ شيطانٌ بِرِقَّتِهْ
يُخفي بَشاعتَهُ في ثوب مَرْحَمَةِ
فهل أُلامُ إذا لم (أقتفي) أثراً
يُريبني فأنا مَزّقتُ أقنعتي
لا أرتدي خامة الإحرامِ مبتدعاً
مناسكاً لا تُحاكي صِدقَ أدعِيتي
ولا أُصانعُ في أمرٍ يشوّهُني
ولا أجاهدُ حِمْلاً ليس من سِعَتي
و ما تعلّقتُ الاّ من تعلّقَ بي
وَما شَهَقتُ هواءً زاد عن رئتي
لو تشتكي نخلةُ الإبداع من رُطَبي
لَأنكرتني شراييني و أوردتي
لكنّ للمرءِ أمجاداً مُؤجّلَةً
رَضعتُ سائغَها مِن صدرِ مُنجِبتي وَ ها أنا مِن عيونِ الشّعر أبْعَثُها
و ما تُلَقّى عيونُ الشعرِ كالهبةِ
قد يخطف المرءُ نصراً من خسارته
و قد صنعتُ من العثْراتِ ملحمتي
