الأستاذ / ماجد جديع العنزي

١١:٤١ م-١٣ اكتوبر-٢٠٢٤

المصدر : الأستاذ/ ماجد جديع العنزي
التاريخ: ١١:٤١ م-١٣ اكتوبر-٢٠٢٤       623

الحاسد الضاحك هو شخص لا يكن لك الحقد والبغضاء بشكل علني بل قد لا يكن لك ذلك من عين أصله، ولكنه اعتاد على الحسد بشكل طبيعي وأصبح من صفاته الملازمة له في كل مجلس، ويجد صعوبة  في التخلص من هذه الصفة المقيتة ولكنه يخفي ذلك الحسد بإبتسامة ساخرة أو بضحكة إستهزائية تصيبك في أجمل صفاتك أو أفضل خصالك وبعضهم قد يكون قاصداً التهكم على شيء محمود قد إشتهرت به، وهو يتفجر غيضاً بالخفاء بسبب ذلك،  والمقصد من ذلك كله هو الحسد على شيء تملكه أو تمتاز به أو فعل جميل إشتهرت به بين الناس بغض النظر عن كثافة هؤلاء الناس. 

والحاسد الضاحك نفسه يعلم يقيناً أن تلك الصفة أو الخصلة التي ضحك عليها ساخراً منك أو مستنقصاً مما أنجزت، يعلم يقيناً أنها جميلة ومحمودة ولكن حسداً من نفسه لا يريد أن تفرح بما أنجزت أو أن تفخر بما أشتهرت به، بل لا يريدك أن تنظر لنفسك نظرة المتفائل لمستقبله والمجتهد لمواصلة ما أنجزه، نظراً لأنك تفوقت عليه بشيء هو ذلك الحاسد نفسه لم يستطع الوصول إليه بل قد لا يروم إليه طوال حياته اليائسة فهو فوق جهله يقف عاجزاً عن فعل ما تميزت به لذلك فهو يطلق القهقهات وهي مبطنة بآهات الإنهزام والعجز أمام تفوقك عليه. 

فمثلاً هناك شخص يقطن بعيداً عن مدينة والديه ”بحكم عمله “ ورغم ذلك لا ينقطع عن زيارتهما بنهاية كل أسبوع وأشتهر بين الناس ببره بوالديه فتجد ذلك الحاسد يمازحه قائلاً بلهجته العامية: ( أنت ماتقطع كل هالمسافات إلا علشان طبخ أمك وكبساتها )، ثم يقهقه ضاحكاً ضحكة بغيضة قد أزعجت ذلك الأبن البار بوالديه، ثم يكمل ذلك الحاسد الضاحك لعبه بالسبحة بين أصابعه وكأنه لم يقل شيئاً !! ثم يرمق ضحيته بنظرة سريعة ليرى تأثير سخريته عليه، رغم أن مايقوم به هذا الإبن ليس رياءً وليس لأجل الثناء من الناس ولكن بالتأكيد سوف يؤلمه الإستهزاء والسخرية بشيء يؤمن به ويداوم على فعله لوجه الله، فكما أنه لا يبحث عن مدح المادحين فبالتأكيد سوف تزعجه سخرية الساخرين . 

وشخص آخر وفقه الله بأن يتطوع في أعمال الخير رغم أنه لا تبدو عليه سيما الصالحين ولكن قلبه عامراً بالصلاح وحب الخير ومساعدة المحتاجين، فتجد ذلك الحاسد الضاحك يمازحه بلهجته العامية: ( أنت ماغير متعب نفسك على الفاضي تبي الناس تمدحك وتقول إنك مطوع وأنت من جنبها ) ثم يقهقه ضاحكاً ضحكة بغيضة تخفي خلفها حسداً وقهراً لعدم وصوله لهذه المرحلة التي وصل إليها ذلك الشخص المحب لفعل الخير، ثم يكمل ذلك الحاسد الضاحك بكل بلاهة نقش أسنانه بالعود مع  صوت المزمزة وكأنه لم يقل شيئاً. 

وشاب آخر في مقتبل العمر قد وفقه الله لتأدية جميع الصلوات بالمسجد، فتجد ذلك الحاسد الضاحك يمازحه قائلا بلهجته العامية: ( الظاهر أنك تبي تناسب إمام المسجد علشان كذا ماتفوت ولا صلاة لأجل يزوجك بنته ) ثم يقهقه ضاحكاً ضحكة بغيضة قد أحرجت ذلك الشاب أمام والده وأخوانه، ثم يهرش ذلك الحاسد الضاحك كتفه مع إكفهرار بالوجه وكأنه لم يقل شيئاً.


 والأمثله تطول عن هجمات  ذلك الحاسد الضاحك والضحايا تتوالى، ولكن ولله الحمد فغزواتهم خاسرة بأغلب الأحيان، وإصاباتهم مؤلمة ولكنها ليست قاتلة، والحمد لله أن جعل كيدهم ضعيف لا يتخطى ضحكات مزعجة لا تلبث أن يزول صداها من ذاكرة الواثق بنفسه والصادق بفعله.

وهكذا نماذج ليس لهم علاج إلا التجاهل وعدم المبالاة لما يقولون فهدفهم تحجيم تقدمك وتثبيط عزيمتك وهدم ما بنأته وتصغير إنجازاتك وتحطيم معنوياتك، فلا تلتفت لهؤلاء الأقزام والجهلاء وتوكل على الله وحصن نفسك بالأذكار وأدعُ ربك أن يحفظك من كيد الكائدين وأن يوفقك لما تتمناه، وعليك بتطبيق قاعده سهلة وعظيمة بنفس الوقت وهي: [ إدع ثم إسع ]، ادعُ الله التوفيق والسداد والحفظ، و اسع لتنفيذ طموحاتك ومواصلة إنجازاتك والمحافظة على مكتسباتك، فالحاسد الضاحك يضحك قليلاً لنجاحك ويبكي كثيراً لمواصلتك التقدم وعدم الإلتفات لضحكاته الساخرة التي تقطر دمعاً. 

ومن باب حسن الظن بالأخرين قد نجد مثل هذه النماذج ولكن لم يكن استهزائهم وضحكهم من إنجازاتك إلا على سبيل المزاح البريء وماهو إلا تقليد أعمى لذلك الحاسد الضاحك دون معرفة القصد، ولكنه ضحك بدون حسد فهو لا يعدو كونه صاحب ساخر، ولكي تميز بين الأثنين تنبه لأسلوب التكرار، فإن كثرت سخريته وتكررت على أشياء تميزت وتفوقت أنت بها فهو الحاسد الضاحك بعينه، وإن لم يتكرر منه ذلك الفعل فهو الصاحب الساخر، وكلاهما تجاهل سخريتهما، وأقذف بمايقولون على قارعة طريق نجاحك، وأنطلق لتحقيق طموحاتك ومواصلة إنجازاتك، ليزداد ذلك الحاسد الضاحك ضحكاً لايبرحه حتى يقضي عليه كمداً.  


صرير القلم:
 يقول الفيلسوف اليوناني فيثاغورس:
[ كن سعيداً كلما كثر حسادك ،، فهم الشهادة لك على نجاحك ].

١٢:١٥ م-٣٠ نوفمبر-٢٠٢٤
١٢:٣٩ م-٢٦ نوفمبر-٢٠٢٤
١١:٤٣ ص-٢٣ نوفمبر-٢٠٢٤
٠٢:١١ م-١٦ نوفمبر-٢٠٢٤
١٢:٣٦ م-١٤ نوفمبر-٢٠٢٤