المصدر : الدكتورة / إيمان حماد الحماد 
التاريخ: ٠٨:٣٤ م-٠٩ نوفمبر-٢٠٢٤       196

لو تعمقنا بالنظر لطبيعة الحياة ، وطريقة عيشنا بها ؛ لأدركنا أن الجميع بها يعاني ، وللمعاناة بها أشكال وألوان ، ولها الكثير من المعاني ...
وتجربتي للكثير من أنواع المعاناة بها ، للخوض بالأمر دعاني ...
وهي لقسوتها ، وشدتها ، ما كنت لأستسمر ، لولا أن الله بعينه أسكنني ، وبرحمته رعاني ..
واختلاف أثرها وقوة تأثيرها على الأشخاص ، حسب تعاملهم معها ، وتقبلهم لها ، هو الذي وَعّاني ، وجعلني أتفاهم معها بالأسلوب الذي أعطاني ، وهو بدوره من ضعفي أمامها عافاني ، وعن الرضوخ لتأثيرها عماني ، وكان كتاب الله مرشدي في العيانِ ...
 فما تلك المواقف سوى ابتلاءات ..
وكأنها في حياتنا محطات ...
لنا بها الكثير من الوقفات ...
تطول و تقصر حسب المعطيات ...
تزيد و تنقص تبعا للمسببات ...
وتشتد و ترتخي حسب الأيادي المتلاعبات ..
والأرواح المُتْعِبات ...
والأشخاص من حولنا ، بأقنعة متقلبات ، حسب المتغيرات ...
ولنا على ذلك الكثير من المرشدات ...
ولكننا نتجاهلها بغفلة منا ، ولا يعترف بها سوى العقول المدركات ، وتؤكدها الخيبات تلو الخيبات ...

حيث نرى لهم قدرة عجيبة على تلوين تلك المحيطات ، وتوجيه تيارها بمختلف الاتجاهات ، وتخفيف آثارها ، أو زيادة تأثيرها ، فسبحان من منحهم تلك القدرات ..
فهذا شخص يستطيع أن ينسيك أقوى الصدمات ...
وآخر لديه القدرة على أن يحتويك بأعتى الملمّات ...
وذاك بحنانه قادر على أن يمسح على قلبك بأرَّق الكلمات ، وأدق العبارات ، وألطف الهمهمات ، فأنجزنا بعدها أصعب المهمات ...
وغيره مثل المسكن ، نلجأ له عند الحاجة ، لننسَ ، فهو من أقوى المسكنات ...
وبعضهم كالمضاد ، يعالجنا من اختلاجات النفس ، والتهابات الأمس ، فتعود لنا الحياة ، بزوال المنغصّات  ... 
وهذا مُنَشِّط يعطينا من القوة ، ما يساعدنا على تحّمل ، ما خارت له القوى رغم تَفَتُّل العضلات ...
وذاك مُغَذٍ يمدنا بالطاقة ، فنحظى معه بأفضل انطلاقة ، فلا تراجع ، ولا نَكَسَات ...
وذاك كالمرهم الذي نضعه على الجروح ، فتلتئم ، وشقوق النفس به تلتحم ، فلا يبقَ به أثر لأي نتوءات ...
ومنهم مُطَهّر ، نعود بنصحه للنور بعد أن تُهنا في طرق متعرجة ، ذنوب ومعاصٍ ومنكرات ، فكانت به العودة ، وكان معه الثبات  ...
وآخر مُنَّظِّف ، لا غنى لنا عنه في إزالة القذارات ، من النفس ، ومن السلوك ، ومن الفعل وما هو متوقع من الردّات ، في مختلف المعاملات ...

فتلك هي الحياة بأمراضها وأوبئتها ، وهؤلاء هم الأشخاص الذين يمنحونا بوجودهم أدويتها ...
فمنها الداء وهم الدواء...
جمعتهم بنا الظروف ، فملأنا بهم في صيدلياتنا الرفوف ، وأصبحنا نسحب منهم على المكشوف ، ونصرف علاجاتنا دون قيد بالكشوف ، فكله متوفر  ومصروف ..
ولكن ... ، وكما تعودنا ...
فالدواء لا يعطى إلا بوصفة من طبيب ، فكن طبيب نفسك ..
وانتق لنفسك الأخلاء ، وكن بوهلة كالرقيب ، واتبع بالناس حدسك ...
فالدواء يشفي ، وهو في بعض الأحيان قاتل ...
جرعة منه تكفي ،  وقد تثبت أنه  فاشل ..
وأنت من بعضه معفي ، فهو للأمراض ناقل ..
تأثيره ظاهر والبعض مخفي ، فتوقف عنه ولا تفاصل ...
كالمطهر الذي قد يكون سُمّا ..
والمسكن الذي قد يزيد ألما ..
والدواء الذي قد يضاعف همّا ..
والغذاء الذي يعاند هضما ...

فتعامل معهم بحذر ، وكأنهم من زجاج ..
فالكسر أوله ارتجاج ، وفي بعض الجبر اعوجاج ...
والوقاية من الخطر ، خير من العلاج ...


@bentalnoor2005

بنت النور

١٢:١٥ م-٣٠ نوفمبر-٢٠٢٤
١٢:٣٩ م-٢٦ نوفمبر-٢٠٢٤
١١:٤٣ ص-٢٣ نوفمبر-٢٠٢٤
٠٢:١١ م-١٦ نوفمبر-٢٠٢٤
١٢:٣٦ م-١٤ نوفمبر-٢٠٢٤