المصدر : الدكتورة : إيمان حماد الحماد 
التاريخ: ١٢:٣٦ م-١٤ نوفمبر-٢٠٢٤       254

أعطتنا الطبيعة العديد من البيئات المختلفة ، وتلونت فيها الحياة ، بألوان متفاوتة ، وتنوعت بها المعطيات حسب توافر المقومات ، واختلفت المتطلبات لكل مكان حسب طبيعته ، وظهرت الاحتياجات لكل وقت حسب طليعته ، واجتمعت بها المؤثرات التي تنعكس على مرتاديها حسب ما تعطي كل شخص وما يعطيها ، وحسب الوجه الذي تظهره له ، وقدرته على أن يتعامل معه ، فيفهمها وتفهمه ، حتى تحتويه ويحتويها ، ويأخذ غايته منها بما تعطيه من خيراتها ، بالطريقة التي كان يرتجيها ...
فمن اعتاد على الحياة بالمدينة يطرب لجلسة على البحر ، أو نزهة في البر ...
وينتظر أوقات فراغه التي تسمح له بارتيادها ، والمواسم التي تصبح بها أعيادها ...
فيتسابق لها الناس ، ويقصدوها بكل حماس ،   فيملؤوها وقد اختلفت بها طريقة الإحساس ، ليطردوا مافي قلوبهم من وسواس ، وليفرغوا الهموم التي امتلأ بها الراس ، فيسهل بعدها أمر المراس ..
وتصبح اللحظات هي المقياس ، والألعاب والحروف والأرقام هي الأساس ...
فهاهو البحر يستقبل زواره ، وقد مدّ لهم شاطئيه على جانبيه ، وكأنه يحتضنهم بين يديه ، ومنهم من سيشعر بحنانه ويسعد ، ومنهم من جاءه بغير أوانه ، ومن الراحة حرمه ، وعنها أبعد ...
فهي مسألة حظوظ ونصيب ، فقد نخطئ بالذهاب وقد نصيب ، وقد تأتينا السعادة وقد تغيب ...
ومثله البر ، وقد اختاره البعض لجمال رماله بأرضه ، و امتداد مساحاته بطوله وعرضه ، وهواءه الذي صار ملازما له كفرضه ، والأجواء التي تجعل قاصده يهنأ بتحقيق غرضه ...
ولكن ..
قد يستقبلهم بهذا الجمال فيسعدهم ويرضيهم ، وقد تتحرك بهم الرمال فتقيدهم  في أراضيهم ...
فيضيع الوقت حتى تحررهم من قيودها ...
وقد تعطيهم من خيراتها فتشبعهم ، وقد تحرمهم وتخيفهم وترعبهم ...
وقد تهلكهم ببردها حتى ترتعد العظام ، وقد تحرقهم بحرّها مثل الحطام ، فإما الهجير ، وإما زمهرير كالسهام  ... 
وقد تغسل أرواحهم بقطرات المطر التي تنعشهم و ترويهم ..
وقد تغفل عن إعطائهم ، فتحيط بهم لحظات الخطر فتخيفهم ،وتزويهم  ...
فتتفاوت بالصحراء المشاعر ، بين خوف ورجاء ، وحرمان وعطاء ، و جفاف وارتواء ، وسخط ورضاء ، وسعادة وابتلاء ...
وتختلف فيه الظروف بين لين وشدّة ، ورقة وحِدّة ، وهزله و جدّه ، حتى قد يضطر الفرد أن يمرغ بالتراب خدّه ، ويبحث عن الماء برجله ويدّه ، وقد يضيع به الوقت ويخطئ في حسابه و عدّه ...
فتلك هي الصحراء ، وتلك هي الحياة ..
وهذا هو الحال إما موت أو نجاة  ..
لا الطبيعة ستختلف ، ولا نحن سنحترف ، ولا بالهزيمة سنعترف ، فلها سنعود مرارا ، وبها نتحرر أو نعتكف ، وعليها ومعها وبها سنأتلف ، ولكن بها لن نستخف ، وعنها لن ننصرف ..
وسنظل عنها نبحث ، ولها نلجأ ، وبها ننجرف ، وعنها وعنّا لن تَكُفّ ولن نَكُف ..
فنحن أبناء الطبيعة ، ومن أمك لا تخف ... 


@bentalnoor2005
" بنت النور "

١٢:١٥ م-٣٠ نوفمبر-٢٠٢٤
١٢:٣٩ م-٢٦ نوفمبر-٢٠٢٤
١١:٤٣ ص-٢٣ نوفمبر-٢٠٢٤
٠٢:١١ م-١٦ نوفمبر-٢٠٢٤
١٢:٣٦ م-١٤ نوفمبر-٢٠٢٤