المصدر : الدكتورة : إيمان حماد الحماد
التاريخ: ١٢:٢٥ م-٣٠ ديسمبر-٢٠٢٤       142

هو عالم جدا غريب ، وكل ما فيه عجيب ، فالقريب به بعيد ، والغريب لنا قريب ، والصديق نعوفه ، والعدو به حبيب ، عن سؤالٍ لا مُجيب ، عن دائه عجز الطبيب ، والحضور به كئيب ، والغياب له رقيب ، بليده مثل اللبيب ، والنقاء به معيب ، والصفاء به شحيب ، غناؤه مثل النحيب ، بكاؤه لحن مهيب ، يبدو به مزج رهيب ، والحقائق قد تغيب ، كالعنب معه زبيب ، ضَيّقٌ يتلو رحيب ، جاهل قبل الطبيب ، مخطئ عند المصيب ، ذائب يغزو المذيب ، قطٌ يقوم بدور ذيب ، دمٌ يراق كما الحليب ، والأمان به سليب ، والهمام به طليب ، والمكان يُرى قشيب ، كالزمان له نصيب ، وقته وقتٌ عصيب ، حقه حقٌ غصيب ، فالبحر هائج كالقليب ، والبر عائج كالكثيب ، رائحة ليست بطيب ، رائجة ليست تطيب ، والظنون به تخيب ، والرؤوس به تشيب ، والبكر غصبا قد تثيب ، كالشمس تشرق بالمغيب ، لست بزماني أهيب ، مجبرا جئت أعيب ، وضعه حقا مريب ، ليس يخفى عالأريب ...

والكل مشارك في رسم تلك الصورة ، وبصمة كل شخص بمساحته بها محفورة ، وأثره بادٍ ، بيديه زاد ظهوره ، وزمانه وادٍ عليه إن أراد عبوره ، وربما أفاد من يليه ملءُ سطوره ، وربما أعاد بريشته البريق لنوره ، وأطفأ اللهيب الذي اشتعل في تنوره ، ونحن بعضا من وقودٍ ، يزيد مرّ شعوره ...

نحلم بالشيء ونطلبه ، فإن حزناه لا نعد نرغبه .. .
ننقل الخبر ثم نُكذّبه ..
ونحفظ الدرس ونكتبه ، وبعد الكدّ كأننا عن عقولنا نحجبه ... 

صعب السلام ، قلّ الكلام ، ضاع الوئام ، كثر الخصام ، زاد الملام ، صار التصافح كاحتدام ، قُطِع السبيل إلى المرام ، فمن بهجرٍ قد يُلام ..
صار من الصعب البقاء أو الدوام ..
فالصديق مبادرا عند اللقاء ليستهلّ عتابه ... 
وفي الفراق بلا عناء ، إن طرى يغتابه ...
كأنه حمل ثقيل ، ممسكا جلبابه ...
ننسى السؤال وإن يطول غيابه ، فلا مجال بأن نروم جوابه ، كطالب في الامتحان وقد أهان كتابه ..
كأن ما بين الأنام شرارة ، وفتيلة ، وثقابه ...
فالنار تولع والهشيم ضبابه ..
والجار جَارَ على المقابل بابه ...
والدار دارَ بأرضها ، شؤم كمثل غرابه ...
والطعام نعابه ، والكلام نهابه ، يخشى الجميع عقابه ..
أحكامنا مسبوقة عالشخص حسب ثيابه ، آمالنا محكومة ، فالحرص كسبُ المُرتقي لسحابه ..
أيامنا معدومة بالفعل ،كاللصّ غصبٌ ، يتقي مرقابه ، فإن تفشّى أمره ، سيلتقي ذاك العقاب معلقا برقابه ...
بلا خجل ، عبنا الزمان ، كمن أضاع حجابه ...
فمن سأل ، كنّا وكان ، ولا مجال لأن يُذاع خطابه ، أو يباع نقابه ، أو يعود الفخر في ألقابه ، أو تلحقوا قبل الفوات ركابه ...   
ذاك الزمان وقد مضى ، سبعٌ يقال عجابه ..
فإن أتى ، وقد تحدّب نابه ، وقد تشذب بابه ،  فذاك ثامن ، أن نعيد شبابه ، وأن نزيح خرابه ، وأن نزيل مصابه ، وأن نعيد المجد عزاً جابه ، وأن نُجيد الرصد إرثاً باقياً كثوابه ..
 وربما ، ربما لا يفوت ركابه ...  

@bentalnoo2005

بنت النور

٠٢:١٦ م-٢١ يناير-٢٠٢٥
١٢:٣٨ م-١٦ يناير-٢٠٢٥
٠٢:٢٩ م-٠٤ يناير-٢٠٢٥
١٢:٢٥ م-٣٠ ديسمبر-٢٠٢٤