تختلف الشخصيات بين جاهل و عالم ، ومهاجم ومسالم ، ومتهور وحاجم ، ومتشائم وحالم ، ومظلوم و ظالم ...
وتتفاوت ردات الأفعال في كل موقف حسب طباعهم ، وتتلون وفق أدائهم ، فتكبر وتصغر تبعاً لمزاجهم ، وتتطور بناءً على سماعهم ، فيصبح بها صراعهم ، ويغسل بها شراعهم ، وقد يمتد بها ذراعهم ، ويحتد خطابهم ، ويعظم مصابهم ، حتى يشيخ شبابهم ، ويستمر عتابهم ، حتى يجيز غيابهم ...
وأحيانا لا يكون الأمر لذاك مستحقا ، وقد يتجاوز فيه المرء حقا ، ويزيد بين الأصحاب شقا ، ويُحدِثُ بين الأحباب فرقا ، ونسمع ناموس الفراق دقا ، وربما الابن لابيه عقا ، ودمع الأحداق من الأم رقا ، فما عدنا نتوقع خيرا فنلقى ، وكل ساقٍ بما جاد يُسقى ...
هو الشر قد سيطر على أفكارهم ، والحقد تمكن من أفعالهم ، والسوء بادٍ على أقوالهم ...
فلم نعد نعرف المخطئ من المصيب ...
فقد أتقنوا أدوارهم ..
ولا نقوى على الحكم خشية ألا نصيب ، ونتيه وفق مسارهم ...
ولا نجد من يسمع أو يستجيب ، فعجزنا عن سماع أقوالهم ، أو تبرير فعالهم ...
فالأصوات تتعالى بصخب ، والشتائم تتوالى بعجب ، والعلاقات تتهاوى في وصب ، فقد أحاط بها النصب ، واستثار بها الغضب ، حتى توارت في تعب ، تبت كأيدي أبي لهب ، فالنور في العين انحجب ، والعقل في سريرتهم كذب ، والصبر من بين أيديهم هرب ، والحب من قلوبهم انسحب ، بعد التضرر والعطب ، صار الخطاب بلا أدب ، والعتاب كما اللهب ، والعناد بلا سبب ، نور البصيرة قد غرب ، ما عاد منها يقترب ...
ونحن وإن كنا نرى التصادم بين الأصحاب واردا ، إلا أنه إن زاد يجعل الاحترام باردا ، وولوئام طاردا ، والذهن عن الاستماع شاردا ، فكلٌ لعضلاته فاردا ، ولا نعرف إن كان مقودا أو قائدا ، واختلط العفوي بمن كان قاصدا ، حتى المسالم صار معهم ماردا ..
فإلى متى هذا التمادي يا صحاب ، فلم يعد أمر يُطاق ..
واسألوا من جربوه ، عن النهاية في المساق ..
واقطعوا هذا الصيام ، لا تزيدوا في الخناق ...
أرجعوا عهد الوئام ، لا تمادوا في الفراق ...
وليُسيل الحبر حبا ، رق الكلام به و راق ...
ماحيا آثار هجر ، مانحا للشوق صدرا في العناق ...
فاستباح القلب ضوءا ، ظله ملأ الرواق ...
ذاك طعم الحب فينا ، ذاك صدق ، ذاك باق ..
فاحفظوه اليوم عني :
من يعش عمرا معك ، عند شكوى يسمعك ،
من سقوط يرفعك ، من هموم يخلعك ، عند جوع أشبعك ، حبه في أضلعك ، دنيا تجيء مبعثرة ، وهو آت يجمعك ..
إن تجده ، فذاك صاحب ...
ألف أهلا ، يا مراحب ...
إن حضر ، فالقلب قالب ...
والبقاء لمثله ، في الحكم غالب ..
لأجله ، واجه الدنيا وحارب ...
لا لمغلوب و غالب ...
اترك اللوم بجانب ..
وابتعد عنه وجانب ...
سدد الأمر و قارب ...
واحفظ الود وراقب ..
كي تعيش وأنت كاسب ..
صحبنا أغلى المكاسب ...
@bentalnoor2005
بنت النور