الكاتب مشاري الذايدي

٠٤:٠٣ م-٣٠ مارس-٢٠٢٥

المصدر : مشاري الذايدي - الشرق الاوسط
التاريخ: ٠٤:٠٣ م-٣٠ مارس-٢٠٢٥       35

اليوم هو يوم العيد، عيد الفطر المبارك، فكل عام وأنتم وأحبابكم بخير، وكل عام والسلم أغزر، والعدل أكثر، والعقل أوفر، والأمل أثمر.

في هذه الزاوية بهذه الجريدة طيلة أيام شهر رمضان المبارك، تخصَّصتْ هذه المساحة بسلسلة رمضانية تحت عنوان «عبير الكتب». كان الكتاب هو أنيس المكان وسميره، ولا عجب، فقد قال المتنبي، شاعر الدنيا، وكان المعري إذا قال: قال الشاعر، هكذا دون إضافة، فإنما يعني المتنبي، قال:

أَعَزُّ مَكانٍ في الدُنى سَرجُ سابِحٍ

وَخَيرُ جَليسٍ في الزَمانِ كِتابُ

هناك تقليد جميل في هذه الجريدة عبر عقود، خلال الموسم الرمضاني، يتجسَّد في السياسة التحريرية بتخصيص جزء من محتوى الجريدة لاستدعاء النقاشات الفكرية والسجالات الثقافية المهنية حول قضايا الفكر العربي والإسلامي. كان من أبطال هذه السجالات رموز عربية كبرى في ميدان الفكر والعلم، أمثال: محمد عابد الجابري، وفهمي جدعان، ومكسيم رودنسون، وغيرهم.

بعض هذه الكتابات المتسلسلة تحوَّلت لاحقاً لكتب مهمة في المكتبة الفكرية العربية.

أنا أتمنى إحياء هذا التقليد الجميل، وهو تقليد متجدد غير قابل للشحوب وانتهاء الصلاحية.

بل المشاهد اليوم هو تفجر الجدل، وانبجاس الماء على ضربات «العصي» السياسية والاجتماعية، لذلك «تنفلق» كل يوم لنا مجارٍ جديدة لمياه وليدة، بعضها يبعث الحياة، وأكثرها يقتل الحياة بعنفوان الفيضانات العمياء.

وظيفة الصحافة، على الأقل الصحافة العربية في تاريخها، ليست مجرد نشر الأخبار وملاحقتها، ومتابعة أهل السياسة وأخذ كلامهم ونشره، وليست مجرد نشر المواد الترفيهية، أو الاقتصادية أو التكنولوجية أو الصحية أو الرياضية «البحتة». لا... ونعم!

هذا كله من صميم عمل الصحافة، مع ملاحقة تطورات «وسائل» النشر، لا جدل في ذلك البتة.

لكن من أهم وظائف الصحافة العربية، اليوم كما كانت بالأمس، هي نشر التنوير.

كلمة مختصرة موجزة، لكنها تحمل الغزير المثير من المعاني.

اليوم - مثلاً - مَن يتولى شرح معنى: والوطنية، والإسلام، والعالم؟.

وداخل الإسلام مَن يتولى تفقيه العالم بمعنى: ذلك السيل العرم من الكلمات والمصطلحات مثل:

السلفية، المدنية، العلمانية، الأصولية، الديمقراطية... إلخ.

مَن يشرح بعلم دون استخفاف و«استهبال» وشعبوية، صارت هي صفات السوشيال ميديا الغالبة؟، مَن يشرح، أكرر مرة أخرى دون شعبوية ذات اليمين أو اليسار؟، كيف ولماذا تكونت الفرق والملل والنحل والطوائف في مجرى التاريخ الإسلامي؟!

هذه فقط «عناوين» تنطوي على كلام كثير، ولها سجل حافل سطَّره «أهل العلم». من واجب الصحافة اليوم، وليس من نافلة العمل، قيادة المشهد الفكري واتجاهات الرأي في هذه الميادين عبر إيكال الأمر إلى أهله من العلماء والخبراء، وليس المزيفين ممن «يتسلبط» على هذه المسائل الكبرى العظيمة.

عيدكم مبارك أجمعين، وأعاده الله علينا كلنا بسلام يعمّ أوطاننا وأنفسنا.

٠٦:٠١ م-٣١ مارس-٢٠٢٥
٠٥:٥٩ م-٣١ مارس-٢٠٢٥
٠٤:٠٥ م-٣٠ مارس-٢٠٢٥
٠٤:٠٣ م-٣٠ مارس-٢٠٢٥
٠٦:١٢ م-٢٩ مارس-٢٠٢٥
٠٣:٢٣ م-٢٩ مارس-٢٠٢٥