المصدر : عياد مخلف العنزي
التاريخ: ١١:١٠ ص-٢٠ مايو-٢٠٢٣       261

نحن أمام نقاش قضية حيرى, لأن صاحب القضية يحوز على أعلى نسبة لإنتاجية الشعر العربي يفوق كل (قسيم) من أشقائه في أبوية الشعر فأغراض الشعر بنوه ولكل واحد منهم عه فاغتدى كل يمارس عمله في زرعه ودهشني بستان كثة خمائله, وفينان ظله تزينه قبب قشيبه, تتراقص أفياؤها بكبرياء مرهف حالما تحنو الكبرياء تهشهش لك دانية يَتَّطِأُ عَسِيبُها يفتش عن شقوق جرف هار يتخلخل نحول جسم صاحبه تخاله أن يلتف حولك وكاد أن يهم يهدهد فراشات صدرك وأنت تغط في حالة استرخاء منعشه تتنفس أعباق غابة نخيل باسقة ، يخيل لك أن السياب يدنو منك خائفاً يترقب, فكلما رأى هزيز سعفة أخافه, فأم غيلان زارته في حلم البارحة, في هذا المكان المطهم بآلام الفراق وإيقاعات الموسيقى الجنائزية التي تعزفها لقرب رحيله.

عيناك غابتا نخيل ساعة السحر
أو شرفتان راح ينأى عنهما القمر

هديل حمام يلتصق بشميم التورية، في فجوات سعف النخيل، حتى الحمام هذا الطائر الوديع، عزم أن يرحل عن المدينة حتى أني أتصور أن بيني وبينه لغة تخاطرية أو تخاطب عن بعد؛ ترك مراسم العزاء واختزل إجازته، وأرهش بجناحيه يخفق بهما طوافاً حول غدير صيف رقراق يروي . ظمأ كبده الصدأة بالعقاد فيلسوف الأدب الفلسفي للعرب، كان له لواعب هوى أيقظت إحساس الحب النائم في صدر الفلسفة، فتداعت مجاذب الفطرة وترامت قطرات نثيث الندى في انتظار صالون مي زيادة يأتي قبل الموعد ويحوم حول البيت.

إن لم أُمَتَّعْ نَاظِرَيَ بِكِ غداً ***** لا عاد صَبْحُكَ يا يوم الثلاثاء
وم بالبيت طوافاً به **** كالطير حواما على الماء

في الحقيقة أرى أن هذا الموضوع يبحث بمفرده و هو داخل في موضوعنا هذا للضرورة. فالغزل في الأدب العربي يتصدر كل الفنون الشعرية من حيث الكم والكيف، وقد فطن الدارسون للشعر العربي من العرب وغيرهم مثل براستور وجوزيف مكارتني أول من حقق ديوان ذي الرمه ( غيلان بن عقبة) ويوهان فانك الذي درس بعمق الأدب العربي ونظامه النحوي.

إن الشعب العربي شعب عاطفي وهذا خلق طيب فالعاطفة تعني رقة الإنسان وسمو نفسه وتواضعه مع من دونه، إن علاقة العاطفة والعقل ليس لهما أثراً بالغاً في رسم حالة العلاقة بين الرجل والمرأة.

لا يؤثر الغزل على الجنس والمتأمل بإمعان للفطرة الإنسانية تجاه الغزل الشعري خاصة في جزيرة العرب، يطلب لنفسه من نفسه أن تقف في منتصف مركز الدائرة أو أن يتماس متقوساً مع خطوط المحيط لها وأحسن ما قرأت عن إشكالية الغزل في الشعر العربي كتاب الدكتور بدر بن علي المقبل والذي يتضح لي أنه وصل نتاج هذا الكتاب القيم بعد جهود علمية مضنية. واطلاع على منهج يتسامح مع المختلفين معه ويكشف عن وسائل معينه على لمح دلائل واضحة لا تقبل الجدل من القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة لأن الغزل باب واسع ومحور الأدب فربما يصور علاقة صورية واهمة فبعض الشعراء يتغنى بامرأة يتخيلها دون معرفتها وحتى السماع لها بل علقه بها مشاعر وجدانية تستميلها صور البهاء الجميلة المتخيلة لفتاة حلم، فهل يؤاخذ الرجل بأضغاث أحلامه أو إثارة مرئية أو توصيف مباشر من امرأة عن امرأة. لأن هذا أكثر تحفيزا لتحريك رفيف الحس ومسكين من عذبه طيف حوام يؤجج، وهج الجوى، ربما ينجم عنه حريق وهمي من حبه الموهوم.
وكتب له في كاغد شيرازي بيتاً لأبي تمام يماثل خصوبة الخيال في رسم الأمنية المفرغة من ألم المعاناة. قال أبو تمام :

ظبي تقنصته لما نصبت له **** في آخر الليل أشراكا من الحلم

فالشاعر يتغزل بهذه الأخيلة الراقصة احتفاء بطيف غزاله الشارد عن نصب "أشراكه"وربما يصح اعتقادي أن هذه الظبية ما كانت صادقة بل تتصنع الهروب. ونثبت بأدلة الشعر أن الغزل الصوري تمثله شعراء العرب مثل قول مالك بن زغبة الباهلي بقوله:

وما كان طبي حبها غير أنه **** يقام بسلمى للقوافي صدورها فمعنى كلمة طبّ يعني العادة.

أما ابن الرومي نستفهمه كيف يتغزل وموضوعه يخالف الغزل فأين الهجاء وأين الغزل فقد قال في مطلع قصيدته:

ألم تر انني قبل الأهاجي  *** أقدم في أوائلها النسيبا
لتخرق في المسامع ثم يتلو *** هجائي مُحرقاً يكوي القلوبا

وعلينا أن لا نتعسف الإيغال في تعميه خانة الغزل المسموح به، ومن سماحة الدين وتيسيره للناس لم يوصد أبواب الغزل بل منح الإنسان فسحة أباح الكثير منه.

فابن العربي يقول أن الاستعارات في التشبيهات مأذون فيها وإن استغرقت الحد وتجاوزت المعتاد.

وقد انشد كعب بن زهير رضي الله عنه النبي صلى الله عليه وسلم: "بانَتْ سُعادُ فَقَلْبِي الْيَوْمَ مَثْبِولُ مُتَيَّمٌ إِثْرَهَا لَم يُقَدْ مَكْبُولُ وَمَا سُعَادُ غَداةَ البَيْنِ إِذْ رَحَلُوا إلا أَغَنُّ غضِيضُ الطَّرْفِ مَكْحُولُ هَيْفَاءُ مُقْبِلَةً عَجْزَاءُ مُدْبِرَةً لا يُشْتَكَى قِصَرٌ مِنها وَلا طُولُ"

كما جاء في تفسير القرطبي قوله : ولا ينكر الحسن من الشعر أحد من أهل العلم والصحابة لم يكن فيه فحش ولا .خنا. من نماذج الغزل العفيف للصحابة.

ومن ذلك ما قام عبدالرحمن بن أبي بكر رضي الله عنهما في زوجته عاتكة رضي الله عنها.

يقولون طلقها وخيم مكانها  *** مقيماً عني النفس أحلام نائم
أرى وأهلي كالعجول تروحت *** إلى بَوْهَا تَبْلِ العشاء الروائم

غزل عبد الله بن عتبة بن مسعود رضي الله عنهما التابعي أحد الفقهاء

عفت أطلال عَثْمة بالعميم
فاضحت وهي موحشة الرسوم

١١:٤١ م-١٣ اكتوبر-٢٠٢٤
١١:٥٨ ص-٠٧ اكتوبر-٢٠٢٤
٠٤:٥٤ م-٠٥ اكتوبر-٢٠٢٤
١١:٤٠ ص-٣٠ سبتمبر-٢٠٢٤
٠٩:٤٩ م-١٥ سبتمبر-٢٠٢٤