في هذا اليوم حُلّت قيودُ قلمي، ،ولست ُ أدري كيف أكتب؟ !ولكن سأترك المجال َ لروحي تسيل ُعلى الورق ،لقد بدأت الأفكار والتأملاتُ والتّذكارات تتزاحم ُ في هذه اللّحظات ،فتوقفت أمامي مواكبُ الأيام ،وتراءى لي الماضي من وراءِ ضبابِ التّنهيد، نعم لقد هبّت الذّكريات ُ من مراقدها ،وتمايلت أمامي لتتبع آثار أستاذتي /نوره العبدالله، فأعي على وقع ِأقدامها في مكتب الإشراف التّربوي، كانت الغرف المظلمة تتنفس ُالصّمت ،خمسُ مشرفاتٍ تربويات ومسؤولياتٍ جسيمة، ومرحلةُ تأسيسٍ وبناء ،كل ّ تلك الصّعوبات تغلبنا عليها بفضل الله سبحانه وتعالى ثم ّ بذلك البِشر على محياها، كانت ترمّم ُ الأخطاء بقلبٍ يملؤه ُ التّسامح والصّفاء ،دروسٌ لاننساها أبداً ،لم تكن من الذين يصنعون من إنجازاتهم تمثالاً يمنعهم من رؤية الفرص ِ الجديدة ،ولا تحولها إلى روايةٍ تتحدث عنها في كلّ حين ،كانت تؤمن بأن الفضاضة َ تفرق وأن ّ الرّحمة َ تجمع ،وأنّ الجوّ إذا كان آمناً يتجلّى الإبداع ،وتُرسم اللّوحات،وتُعبّدُ الطُرقات، إنه انقداح ُ عزيمة الكبار في النّفوس .
_إن ّ للمناصبِ بريقَها وفتنتها.
وأصعبُ أنواع الاغترار التّعالي بالعلم والتّباهي بالفهم ،وأما أصحاب ُ العقول فلا يركنون للدنيا ،ولايغترون بها حيث الغرور أصلٌ لكلّ الشّرور ،أمّا عنها فكان التّواضعُ ديدنها، مع هدوءٍ أورثها سلاسةً في نفسها ومع الجميع إنه احتراف اللّباقه .
_ لن ننسى القائدة المتفانية المنكرة لذاتها ، والتي تعلمت فنون الإدارة والتفويض والشّراكة ،قدراتٌ قياديةٌ فاعلة ،شعرت بأهميتها وأتقنت دورها ،لا يزال الخيال يستحضرها ويضفي عليها الحياة من جديد ، لقد بنت تلك الأيام ُ في أنفسنا الكثير وأسهمت في إحكام ِ تجربتنا، وصنعت لنا الذكرى الطّيبة، وأبقت لنا الحنين الدائم.
_ بكلماتها المحفزة وإلهامها للجميع سعت بعد الله سبحانه وتعالى أن تجعل من الظلمة ِ شعاعاً ،ومن الكآبةِ فرحاً ،وهي تسيرُ مدفوعةً بدوافع الواجب والوطنية لا بالسعي نحو الشهرةِ أو المركزية ،فتربعت على عرشٍ مرصعٍ بالجواهرِ بين مسارحٍ تنسكبُ منها أنوارٌ ملونة بألوانِ قوسِ قُزح ،نحسبها كذلك والله حسيبها ولا نزكي على الله أحدا.
_ فلتسعدي بالقادم فيا للأيام الجميلةِ الكثيرةِ التي تنتظرك إن شاء الله، فقد صبرتِ وبذلتِ ،وثمارُ الصّبرِ والبذل ِ يانعة وماتعه، وسنكمل إن شاء الله مابنيتيه، ولن يذري الهواءُ ماقلتيه، ولن يخفي الظّل ُ مافعلتيه، لن نودعك ِ بالغصّات، بل بالفرح بالآثار ِ والدّعوات، فكم سراجاً سقيتيه زيتاً ليضيء ،ولو تحدّثنا عنكِ بمنقيات ِ الكلام ِ ومنتخباتِ المعاني لما وفّيناك.
