إنها حكاية لحظات ٍ غامضة انشقت في طيات الزمن ، لم تكن حكاية من حكايات ألف ليلة وليلة ،وليست من هوس أفلاطون ولا أحلام شكسبير ، إنها لحظات ٌ لقنتني حياة ً جديدةً في قلبي ،في ذلك اليوم وبعد انصراف موظفات ذلك المكان ، ركبت مع صديقتي المصعد للخروج ولكن وفي لحظات خاطفة للأنفاس وبمجرد أن أٌقفل الباب علينا ،إذ بصوت ٍ عنيف ومدوي كهزيم الرعد ،حيث سقط بنا المصعد من الطابق الرابع إلى الطابق الثاني ،وتوقف عن الحركة في نقطة ٍ ضيقة في منتصفه ، كل شيء تغير في لحظة ،ظلام دامس ،صوت حجارة ٍ تتساقط ، لم يكن هناك مجالاً لتصفح وجه صديقتي أو التحدث معها ، فنحن نتقلب على نار ٍ هادئة ، الدقائق تمر بثقلها المعدني ببطء شديد ، هنا أدركت أني أقف ُ على أقدامي ولكن حياتنا تتوقف بعد الله سبحانه على إقدامِنا وشجاعتنا في إدارة هذه الأزمة ،فتحت جوالي وهاتفت مدير ذلك المكان للمساعدة ثم هاتفت الدفاع المدني ،ثم أقفلت هاتفي وبقينا ننتظر ، هل ستكون هذه الدقائق هي سدرةُ منتهانا !! بدأت أتقاسم مع صديقتي تلك اللحظات المرعبة وقلبي يرتجف ارتجاف القلوب الفاقدة للأحبة ، بيد أن يد صديقتي التي وضعتها على كتفي كانت هي الأكثر ٌ دفئاً ،كنت أعلم ٌ يقيناً بأن القلق هو شوقٌ للأبدية ومضيعة للزمن ولكنه بدأ يتسلل لنفسي كلما بدأ المصعد بالتحرك يمنةً ويسرة ، كيف لي أن أفك قيد شفاهي، لكني حمدت الله على نطق الشهادتين، في هذه اللحظات سمعنا صوتاً قادماً من بعيد ثم فٌتِح لنا المصعد بأيدي استثنائية ، تدفعها الانسانية وحس المسؤولية ،لأخرج من هذه الأزمة بقناعات كنت مؤمنة بها ولكن ازداد إيماني بها ، أهمها أن لاتجعلوا أيامكم تنصرم دون أن تثمر ثماراً حقيقية ، دائماً عليكم التحرك بقوة وثقة وسط الظلاميين وأن لايخفت لكم نوراً حتى يبدد نوركم كل ظلام ، تغلبوا على الأزمات والمواقف فمرارتها تصنع لكم الأمور الجيدة تماماً كما تصنع مرارة نار القهوة المزاج العالي ،ولتبقوا كالجبال الشاهقة ترد كل الأصوات وهي صامدة وصامتة .
