لماذا  تضع نفسك موضع الاتهام ، ومن ثم تدافع عنها ..
وبيدك أن تضعها موضع الاهتمام ، وتفاخر بها ...
تبادر بقول : لم أفعل ، وكأنك بما فعلت حقا تجهل ...
فكان من الأفضل لك ، وبدلا من أن تقول ما فعلتها ، وكأنك توجه أصابع الاتهام إليك ، أن تقول : فعلت كذا ، وكذا ، وتجعل نظرة الاهتمام عليك ...
وخير من أن نقول للشخص الذي نحبه : " لا أشك بك " ، لو قلنا : ( أنا واثق بك ) .
وبدلا من أن يقول الأب لابنه : ( أنا لست غاضبا منك ) ، لو قال : ( أنا راضٍ عنك ) .
ولو أنك ما أجبت باستبعاد الغضب لمن سأل ما بك ، فتقول : ( لست حزينا ) ، وأقررت السعادة بقولك : ( أنا سعيد ) ..
ولِمَ تقول : ( لست جائعا ) ، وأنت تستطيع أن تقول : ( أنا شبع ) ...
لماذا نقدم الشك على اليقين وهو أجمل ..
ولماذا نبدأ بالتقصير ، ونؤخر التكميل وهو أفضل ...
ولماذا نذكر الغضب ، وننسى الرضا وهو أسلم ...
ولماذا نجيب بالنفي ، وبيدنا الإثبات وهو أكمل ...
لِمَ تختار الكلمات المظلمة ، وأمامك قوائم من الكلمات المضيئة ...
لم تكثر النظر إلى الأرض ، وفوقك السماء ممتدة طولا وعرض ...
كمن يقوم بالنوافل ، وينسى الفرض ...
ومن يبعثر النقود ، ويطلب القرض ...

فالخيارات أمامنا كثيرة ، وظلال الكلمات مُثيرة ، وهي بالنظر فيها جديرة ، ما دامت لنقل المعنى سفيرة ، فبعض المفردات لها آثار خطيرة ، وبعضها تضعنا في مواقف مريرة ، وتردُّنا للخلف خطوات كثيرة ، وكان يغنينا عن كل ذلك ، لو أطلنا النظر في تفاصيل المفردة الصغيرة قبل الكبيرة ، وتخيلنا وقعها على الآخرين وقارنّا كل لفظ بنظيرة ، واخترنا ما يخدم المعنى بطريقة جديرة ، فكل لفظة غامضة تصبح في حضرة المعنى وزيرة ، وعلى أداء دورها صارت قديرة ...

فهي الألفاظ ومفادها ، وكل كلمة لها بالمعنى امتدادها ، وكل مفردة في مكانها لها ظلالها ، حسب سطوع المعنى وغموضه ، وحسب حدود القصد وفروضه ، وحسب انخفاض المستوى وصعوده ، وحسب بقاء الأثر وصموده ، واختفائه أو وجوده ، فكل كلمة لها قدرة تظهر في بعض المواضع ، وفي أخرى تختفي ، وتقوى في بعض التراكيب حتى أننا بها نكتفي ، وتضعف في أخرى حتى لا نكاد نشعر بها لو تختفي ، فنحن بها لسنا نهتم ولا نحتفي ...
فأحسن انتقاء ألفاظك ، وحسب مُرادك للأفضل منها اصطفي ...
وانظر لسحرها الذي سينالك ، فهو سحر حلال ، كن ساحرا عن أرضه لا تختفي ...
فهو ظاهر للعيان ، حتى وإن كان جوهره خفي ... 

@bentalnoor2005

بنت النور