الأستاذ / ماجد جديع العنزي

١١:٥٣ ص-١٥ ابريل-٢٠٢٤

المصدر : بقلم الأستاذ / ماجد جديع العنزي
التاريخ: ١١:٥٣ ص-١٥ ابريل-٢٠٢٤       559

قد يقول البعض أن التعصب الرياضي مجرد حماس وجزء لا يتجزأ من الرياضة بشتى أنواعها، ولكن ماذا لو عرضنا هذا الأمر على أحكام الشرع، ستكون النتيجة شيء مخيف وخطر مهول يفتك برصيد حسناتك ويُهدي ثواب أعمالك لأشخاص تكرههم بسبب التعصب الأعمى الذي أغشى بصيرتك قبل بصرك. 

والتعصب الرياضي لايخلو بالغالب من الشتم والقذف والغيبة والبهتان والظلم واللعن والطعن بشكل خاص أو بشكل عام،  وقد يصل إلى التعدي بالأيدي والشجار، وكأن ذلك المتعصب الأعمى يحمل بيديه كِسفاً من الجمر لم تسلم يديه من الحروق ولم يسلم من يحيط به من الإكتواء بها، فهو قد يحرق منافسيه بلسانه ولكنهم سوف يحرقون قلبه بأخذ حسناته، فهو الخاسر على كل حال.

ونحن في زمن وسائل التواصل الإجتماعي وبسبب الشحن الممنهج وغير الممنهج من بعض البرامج وبعض الإعلاميين قد لانخلوا من حالات التعصب الرياضي تعترينا بين الفينة والأخرى ولكن بنسب متفاوتة وبخسائر متراوحة من الحسنات، تختلف من شخص لأخر، فقد أثر علينا الإعلام الرياضي سلباً وجعلنا متعصبين ومتزمتين دون أن نعي ذلك، فما بين التصريحات الإعلامية وبين خُبث بعض الإعلاميين المتعصبين في أطروحاتهم الإستفزازية للخصوم كل ذلك كان وقوداً يُلهب حماس الجماهير ويضرب بعضهم ببعض فوق صفيح ساخن، فقد غاصت الأخلاق الرياضية النبيلة في وحل من المغالطات والكذب الإعلامي بسببهم وقسموا وفرقوا أفراد العائلة الواحدة إلى أشخاص متناحرين ”رياضياً “.


وما نلحظه ببعض البرامج الرياضية هي حرب إعلامية بين فئات المجتمع الرياضي تشتمل أغلبها على الكذب والإفتراء والترهات والمهاترات والغيبة والنميمة التي لاطائل منها إلا البغض والشحناء والتفرقة، وقد يقول قائل أن هذه الأشياء هي من ضمن متعة كرة القدم! فنقول له أنه قد ورد في كتاب قواعد الأحكام في مصالح الأنام:( أن ما أدى إلى الحرام فهو حرام)، فهل يستحق ذلك أن تخاطر بحسناتك وبأقربائك وأصدقائك ومحيطك الإجتماعي لأجل لعبة؟

والأغرب من ذلك هو شيوع ما أسمية ب( متلازمة النقص ) بين كثير من المشجعين فتجد هذه الفئة لاتهنأ بإنتصار فريقها إلا إذا أفسدت مزاج الأخرين فهذه الفئة ( المشغولة بغيرها ) تشعر بالنقص إذا لم تحاول أن تلفت الأنظار بضجيجها وغوغائها ، وتراها تفوّت على نفسها أن تعيش اللحظة لتنشغل بمن يخالفها في التشجيع لتغيض الأخرين وتدخل بمشاحنات ومهاترات تفسد فرحة فوزهم وقد يتعرضون لكلمات جارحة أو محرجة تؤلمهم وتحزنهم بسبب إستفزازهم للأخرين تنسيهم فرحة الفوز،فهم في غنى عن التعرض للمواقف المحرجة حتى وإن حاولوا إظهار عدم مبالاتهم ولكن للأسف تلك هي عقليتهم السقيمة، ألا يعلم أولئك أن من يحاولون إستفزازهم هم مسلمين مثلهم وقد تجد بينهم مريض السكر والضغط ومريض القلب ومن يعاني من أمراض نفسية تؤرق مضجعه ومنهم من سحقته الحياة ويعاني من ظروف قاهرة ومتنفسه الوحيد هي كرة القدم ورغم ذلك يجد من ينغص عليه متعتة الوحيدة.

نحن لاننكر خصلة الحب أو الكره والبغض في قلوب المشجعين ضد منافسيهم وقد لا يتحكم الإنسان بهذه المشاعر، ولكن بالتأكيد يستطيع التحكم بلسانه وألفاظه بل ويجب عليه ذلك وإلا فإنه في خطرٍ كبير وعلى جُرفٍ هارٍ لو أدمن هذا الطبع البغيض والتعصب الأعمى لفريقه، فالحذر الحذر من الوقوع في حبائل اللسان والشيطان.

والأن لنستعرض مايخالط هذا التعصب على ميزان الشرع، فأنت قد تشتم وتسب وتلعن لاعبي ومشجعي الفريق المنافس ويخالط كلماتك فحش وبذاءة ويُنسيك الشيطان قول الرسولﷺ:
[ ليس المؤمن بالطعان ولا اللعان ولا الفاحش ولا البذيء ].

وكذلك قد تظلم وتغتاب و تبهت، وقد أنساك تعصبك قوله ﷺ: [ قيل ما الغيبة يا رسول الله؟ فقال: ذكرك أخاك بما يكره، قيل: أفرأيت إن كان في أخي ما أقول؟ قال: إن كان فيه ما تقول فقد اغتبته وإن لم يكن فيه فقد بهته ].

ومن الممكن جداً أنك قد تقع في منزلقات النميمة، وقد تنقل خبراً مغرضاً عن منافسي فريقك، سواء كان ما نقلته حقاً وصدقاً، أم باطلاً وكذباً، وقد تلمزهم وتؤذيهم ببعض الألفاظ وهذه الأفعال محرمة شرعاً، قال تعالى: { هَمَّازٍ مَّشَّاءٍ بِنَمِيمٍ }.

وأيضاً حين الحنق والغضب قد تقذف أمهات أو أخوات خصومك من اللاعبين أو الجماهير بأقذع الأوصاف بعد أن أعماك الشيطان عن حكم القذف شرعاً وأنها من الموبقات السبع التي جعل الله عقابها لعناً في الدنيا والآخرة،  قال تعالى:
{ إِنَّ الَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ الْغَافِلَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ لُعِنُوا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيم }.ٌ


 فهل تستحق مجرد لعبة لاتقدم ولا تؤخر أن تُفسد عليك دنياك وأخرتك؟ وهل لديك القدرة على تحمل كل هذه العقوبات الإلهية من أجل كرة قدم أو من أجل أي شيء لا طائل منه ولا فائدة به ولا عائدة من ورائه؟ 

فحكّم عقلك وطمئن قلبك وأضبط لسانك فإذا خسر فريقك مباراة فلا تخسر أنت دنياك وأُخراك فالمباريات لاتنتهي ولكن الحسنات قد تنقضي ويُرمى عليك حينها سيئات من سلقتهم بلسانك، فما هو شعورك عندما تقف أمام الجبار وقد حضر خصومك ليقتصوا منك ويقتسموا حسناتك بعد أن شتمت هذا، ولعنت هذا، واغتبت هذا، وضربت هذا،  وقذفت عرض هذا، في أيام تلك الدنيا الفانية وقد يكونون بالملايين!، كن راقياً لبقاً بكلامك ونبيلاً بأخلاقك وشجع بإحترام لتكسب نفسك وراحة بالك وتفرض إحترامك على الجميع ولا تكن بغيضاً مكروهاً منبوذاً ثقيل الدم عند الكل.


صرير القلم:
لاتخسر كل شيء، لأجل لا شيء. 

 

١١:٤١ م-١٣ اكتوبر-٢٠٢٤
١١:٥٨ ص-٠٧ اكتوبر-٢٠٢٤
٠٤:٥٤ م-٠٥ اكتوبر-٢٠٢٤
١١:٤٠ ص-٣٠ سبتمبر-٢٠٢٤
٠٩:٤٩ م-١٥ سبتمبر-٢٠٢٤