الأستاذ ثاني الضرع

١١:٥٦ م-١٣ سبتمبر-٢٠٢٤

المصدر : الأستاذ / ثاني الضرع
التاريخ: ١١:٥٦ م-١٣ سبتمبر-٢٠٢٤       105

تظل علاقة الإنسان بالمكان منذ  الخطوة الأولى وبداياته وأبجديته المعرفية الصغيرة وما تختزنه الذاكرة من تفاعلات وأحداث على مدار الأيام والسنين علاقة تفاعلية حميمية وارتباط وجداني وروحي وتعلق ، والوفاء للمكان وللذكريات ديدن كل محب فهو يحمل المكان معه عند كل منتأى سواء كان مستقراً أو ضاعناً وشواهد ذلك كثيرة في الأعمال التي أنجزها أدباء وفنانين وشعراء والذين جعلوا المكان الأول مهوى أفئدتهم ودفئ أرواحهم إن كانوا على سفر أو مقيمين ويظل الحديث رحباً عن أعمال كثيرة سجلها عرب وأجانب في هذا الباب ، ولعل ما أثار هذا الجانب تلك القصة الشهيرة لحلاق بيكاسو ارياس التي تمحورت حول الوفاء والزهد بالمال مهما كثر وعدم مبادلته بالمال مهما بلغ  مقابل الحب الكبير للمكان وتعلق الروح بزواياه وأركانه وروائحه وسهله ونجاده وعوالمه الأخرى المشكلة لبيئته التي أحبها وجعلته جزءً لا يتجزأ منها.

بيكاسو و حلّاقه أرياس 

‎بابلو بيكاسو هو أول فنان عُرضت أعماله في متحف اللوڤر وهو على قيد الحياة ليصبح أول من ينال هذه الفرصة ،، من أشهر أقواله الفن هو الكذبة التي تمكننا من إدراك الحقيقة ، ما زالت لوحات بيكاسو تحتل المرتبة الأولى بين لوحات الأعلى سعراً بالعالم منها لوحة نساء من الجزائر والتي بيعت بسعر ١٧٩ مليون دولار أمريكي و ٤٠٠ ألف وهي اللوحة الأعلى ثمناً بالتأريخ .
في العام ١٩٤٤ تعرّف بيكاسو على حلّاقه أرياس ونشأت صداقة بينهما إمتدّت حتى وفاة بيكاسو عام ١٩٧٣ فكليهما من أصول إسبانية ويعيشون في فرنسا وخلال سنوات الصداقة هذه كان يرفض الحلاق أن يأخذ أجراً عندما يحلق لصديقه ، فكان بيكاسو ما بين فترة وأخرى يهديه لوحة .. فجمع الحلّاق أرياس خلال ال ٢٩ عاماً من الصداقة ما يقارب ال (٦٠ ) لوحة ،، وبعد وفاة بيكاسو تسارعت كُبرى المتاحف العالمية على الحلاق لشراء هذه اللوحات وإغرائه بالمال مقابل ملايين الدولارات لكن المفاجأة أنّه رفض الإغراءات هذه وعاد إلى قريته الصغيرة شمال العاصمة مدريد مُضحياً بالملايين ليرفع من شأن قريته ويجعل منها معلم سياحي يقصده ملايين السيّاح حول العالم . 
توفي أرياس حلّاق بيكاسو عام ٢٠٠٨ و ودّعته بلدته الصغيرة و إسبانيا كالأبطال وما زال متحفه الذي افتتحه عام ١٩٨٥ بإسم ( متحف حلّاق بيكاسو ) قائماً ،، هذا الحلّاق البسيط كما قال أحد الكتاب صنع ما لم يفعله وزراء الإقتصاد ورجاله وكبار المُستشارين لأنه خلق نشاط إقتصادي كبير لقريته وإسبانيا بدلاً من تحقيق ربح شخصي له ( فضّل المصلحة العامة على المصلحة الخاصة ) مُضحياً بملايين الدولارات !! أجزم بأن أرياس تحول لأنبل و أشهر حلّاقي العالم ( النُبل ما يصنعه الأشخاص لايُدرّس بأي أكاديمة)

١١:٤١ م-١٣ اكتوبر-٢٠٢٤
١١:٥٨ ص-٠٧ اكتوبر-٢٠٢٤
٠٤:٥٤ م-٠٥ اكتوبر-٢٠٢٤
١١:٤٠ ص-٣٠ سبتمبر-٢٠٢٤
٠٩:٤٩ م-١٥ سبتمبر-٢٠٢٤